الاثنين، 10 نوفمبر 2014

امنية

لكل فرد منا امنياته الخاصة..قد يكون حقق البعض منها و قد يكون البعض لم يتحقق بعد..لكن هناك في اﻷفق البعيد ﻻبد من وجود أمنية تكمن في دواخلنا نحلم بأن تتحقق ذات يوم...
و أجد نفسي تدفعني بشدة ﻷحكي لكم أمنيتي التي قادتني لدخول عالم مهنة المتاعب..و هي أمنية جنونية بعض الشئ لكن ما الحب اﻻ جنون و انا أعشق متاعب هذه المهنة...





قبل دخولي كلية اﻻعﻻم كنت أكره اﻷخبار و ﻻ أفضل ان استمع الى حكايات البلدان و أخبارها من جارتي كبيرة العمر و التي كانت قد أدمنت نشرات اﻷخبار حيث كان لها أسلوب جميل في سرد الخبر
لكن نقطة التحول في حياتي بدأت مع المحاضرة اﻷولى في كلية اﻻعﻻم...
حيث قال لنا اﻷستاذ إنكم ستخرجون بعد هذه المحاضرة تلهثون وراء الخبر و تسعون جاهدين للحصول عليه ..أخبرنا ذلك اﻷستاذ حكايات كثيرة عن مهنة الصحافة و بعد تلك المحاضرة وجدت أن هناك أمنية جنونية ولدت في داخلي دون سابق إنذار..و حلمت بها طوال الليل و رغبت بتحقيقها بقوة...
كانت أمنيتي هي أن أكون مراسلة حربية لإذاعة او قناة Bbc او مونت كارلو الدولية و ترسلني تلك المؤسسة الى جنوب السودان ﻷغطي اعﻻميا الحرب التي تفتك بالبشرية هناك ..كنت أحلم بعشرات القصص اﻻعﻻمية التي يمكنني العمل عليها في تلك البﻻد التي تمتلك أغلى معدن في العالم و هو الذهب لكن سكان بﻻدها يعانون من مجاعة و أزمات ﻻ محدودة ..و أعترف لكم بأنني خيالية جداً بحيث أمتلك من الخيال شطحات ﻻيمكن لكم تصورها...
لكنني بالوقت ذاته أسعى بكل طاقتي لتحقيق أحﻻمي..أدركت مؤخراً أن تلك اﻷمنية تحققت فعﻻ لكن على النحو اﻵتي
1-تم اﻻستغناء عن رحلة جنوب السودان و تعويض الرحلة بالحروب التي تدور في بلدي.
2-تم اقصاء حلم قناة او إذاعة bbc و مونت كارلوالدولية ﻷسباب انعدام الصحافة الحقيقية في هذا البلد و استبدالها بصحافة ((العربنجية))
3-تم القضاء على عشقي للصحافة ﻷن كوني إمرأة في هذه البﻻد ﻻ يمكنني ان أعشق شئ حتى لو كان خدمة لبلدي
4- تم تكميم فني و قطع يدي و اغتيال قلمي ﻻن هدية الصحفي لم تعد السجن بل الخطف و القتل 
5- لم يكن يجدر بي التفكير بمهنة تحتاج الى حرية في التنقل و التعبير و قضاء أوقات طويلة خارج البيت في حين أنني من أجل مغادرة محافظتي علي اصطحاب محرم و من أجل الخروج من البيت علي تقديم تقرير مفصل عن المكان و الزمان الذي سأكون فيه مع تحريم كل اﻷماكن التي تدور فيها اﻷحداث مع حصولي على عدد من المحاضرات المملة في عدم اﻻختﻻط باﻵخرين و كيفية كتابة الخبر و فرض حتى ما الذي يتوجب علي كتابته...
كل ذلك أدى الى احباطي نفسياً و تحطيمي عمليا و التحكم بمصيري مستقبليا مع نزف حاد في خيبات اﻷمل ترافقها نوبات ألم حاد أدت الى اصابتي بقرحة المعدة...
بعد كل ذلك يقول لي الجميع نحن دعمناك في رحلتك حتى وصلتي الى ما انت عليه...!!
مﻻحظة :- ما انا عليه مزيج من ألف قناع أرتديه كل يوم قبل خروجي من غرفتي تصحبها مجموعة من الكذبات التي ينتابني القرف و انا أسردها لتبرير ذهابي و ايابي و اختﻻطي بالناس ..حياة منفصلة تماماً عن الواقع الذي أعيشه والذي تلوثه المجامﻻت المزرية و خيبات اﻷمل و الزيف و اﻻزدواجية التي يفرض عليك المجتمع ان تعيشها عندما يعطيك الرب هوية (اﻷنثى )
ألم نعد برأيكم الى عملية وأد البنات في تلك المجتمعات الجاهلية ما قبل اﻻسﻻم...؟!!
ألم تصبح المرأة سلعة رخيصة تساق كالجواري الى أسرة من حكموا عليهن بالوأد !!!
من عذابات الجﻻد و خيبات المجتمع الى تحطيم الحلم رحلة من الصبر و الحزن و اﻷلم لمخلوق يمثل اليوم غالبية المجتمع يدعى أنثى و هذا كان حلمها.....
كان معكم من أرض الأمنيات مراسلتكم : #شهرزاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق