الحنين الى أيام لن تعود
إنهالت
دموعي بغزارة و انا أستمع الى صوت بلبل الصباح فيروز و هي تصدح بصوتها الجبلي
" بيتك يا ستي الختيارة ...بيذكرني ببيت ستي "
عادت
بي هذه الأغنية الى أيام الطفولة عندما كنا نزور بيت جدتي يوم الخميس من كل أسبوع ، كان
عمري حينها عشرة سنوات و كانت جدتي وقتها لا تبارح محراب الصلاة الا من
أجل الاعداد الطعام أو استقبال الظيوف اللذين كانوا يزورونها
بين فترة و أخرى ، كنت أركض اليها و هي
جالسة على سجادتها فتضمني اليها بحنان كبير و تطبع قبلاتها
الدافئة على وجنتاي الصغيرتان القرمزيتنا ... صوتها ما زال يداعب أذني و
هي تسألني عن مدرستي و مستواي العلمي و تدعو
الله أن يوفقني و يسدد خطاي لكل ما فيه الخير لي و لبلدي الحبيب ، كم كنت
مشاكسة و انا ألعب بقربها دون مراعاة لعمرها الكبير ، و حين كنت أزعج نومها
الهادئ وقت القيلولة كانت والدتي تعنفني فترد عليها جدتي أتركيها فلا
يوجد أحب إلي من صوت ضحكاتها الملائكية و هي تلهو ...ضحكات الأطفال أجمل
معزوفة يمكن أن يسمعها الأنسان و يطرب بسماعها
لأنها تمتاز بالبراءة و الرقة ، و ما زلت أتذكر شكلها و هي
تجلس في محرابها تصلي و تدعو الخالق أن يحفظنا و ( الجولة ) بجوارها و قد
وضعت على نارها الهادئة ابريق الشاي و ابريق صغير للحليب فهي تعرف انني
كنت أحب تناول الحليب بالشاي في الصباح ، رائحة
الخبز الدافئ تعطر المكان و جدي يقوم بري الأزهار في الحديقة
كانت
جدتي تعد لي طعام الفطور ، كم كنت أعشق وجبة الأفطار الى جانب جدتي و جدي و
قصصهما الجميلة التي يرويانها لي عن أيام الخير و الطيبة و المحبة التي كان
العراقيين يعيشونها في ذلك الوقت ، أنتقل جدي و جدتي الى جوار خالقهما و
ما زلت أنا أستيقظ صباح كل يوم جمعة أخرج مسرعة من غرفتي علني أرى طيف
جدتي و هي تجلس في نفس المكان تصلي و تعد لي وجبة الأفطار الشهية تلك ما
زالت عيناي تترقب طيف جدي يروي الأزهار الجميلة في حديقة الدار .
كم
أتمنى أن ترى جدتي ما وصلت اليه اليوم من نجاح ، فأنا أخدم بلدي من خلال عملي
الذي أعتبره مقدساً ، رحل جدي و جدتي و تركا لي ارث كبير من الذكريات التي
تشدني بقوة الى أيام لا تعود.........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق