الأربعاء، 18 مارس 2015

الحنين الى أيام لن تعود

إنهالت دموعي بغزارة و انا أستمع الى صوت بلبل الصباح فيروز و هي تصدح بصوتها الجبلي
"
بيتك يا ستي الختيارة ...بيذكرني ببيت ستي "




عادت بي هذه الأغنية الى أيام الطفولة عندما كنا نزور بيت جدتي يوم الخميس من كل أسبوع ، كان عمري حينها عشرة سنوات و كانت جدتي وقتها لا تبارح محراب الصلاة الا من أجل الاعداد الطعام أو استقبال الظيوف اللذين كانوا يزورونها بين فترة و أخرى ، كنت أركض اليها و هي جالسة على سجادتها فتضمني اليها بحنان كبير و تطبع قبلاتها الدافئة على وجنتاي الصغيرتان القرمزيتنا ... صوتها ما زال يداعب أذني و هي تسألني عن مدرستي و مستواي العلمي و تدعو الله أن يوفقني و يسدد خطاي لكل ما فيه الخير لي و لبلدي الحبيب ، كم كنت مشاكسة و انا ألعب بقربها دون مراعاة لعمرها الكبير ، و حين كنت أزعج نومها الهادئ وقت القيلولة كانت والدتي تعنفني فترد عليها جدتي أتركيها فلا يوجد أحب إلي من صوت ضحكاتها الملائكية و هي تلهو ...ضحكات الأطفال أجمل معزوفة يمكن أن يسمعها الأنسان و يطرب بسماعها لأنها تمتاز بالبراءة و الرقة ، و ما زلت أتذكر شكلها و هي تجلس في محرابها تصلي و تدعو الخالق أن يحفظنا و ( الجولة ) بجوارها و قد وضعت على نارها الهادئة ابريق الشاي و ابريق صغير للحليب فهي تعرف انني كنت أحب تناول الحليب بالشاي في الصباح ، رائحة الخبز الدافئ تعطر المكان و جدي يقوم بري الأزهار في الحديقة
كانت جدتي تعد لي طعام الفطور ، كم كنت أعشق وجبة الأفطار الى جانب جدتي و جدي و قصصهما الجميلة التي يرويانها لي عن أيام الخير و الطيبة و المحبة التي كان العراقيين يعيشونها في ذلك الوقت ، أنتقل جدي و جدتي الى جوار خالقهما و ما زلت أنا أستيقظ صباح كل يوم جمعة أخرج مسرعة من غرفتي علني أرى طيف جدتي و هي تجلس في نفس المكان تصلي و تعد لي وجبة الأفطار الشهية تلك ما زالت عيناي تترقب طيف جدي يروي الأزهار الجميلة في حديقة الدار .
كم أتمنى أن ترى جدتي ما وصلت اليه اليوم من نجاح ، فأنا أخدم بلدي من خلال عملي الذي أعتبره مقدساً ، رحل جدي و جدتي و تركا لي ارث كبير من الذكريات التي تشدني بقوة الى أيام لا تعود.........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق